الثورة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي

مرت الصحافة والعديد من الوظائف الأخرى في المجتمع بثورة منذ التحول الرقمي والوصول الواسع للإنترنت، التي بدأت بالانتشار في تسعينيات القرن الماضي.

وبعد تطور التكنولوجيا الرقمية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في وقت قصير نسبيّاً جزءاً من حياة الناس اليومية، سواء خلال العمل أو وقت الفراغ.

قبل كل شيء، السمة الرئيسية لوسائل التواصل الاجتماعي هي أنها اجتماعية، وهي تقوم على أساس التفاعل بين المستخدمين، الذين يستطيعون التواصل مع بعضهم حول أمور نشروها، وتشكيل مجموعات أو تنقية محتوى معين. وفعليّاً، تتضمن الخدمات مثل خدمة فيسبوك صفحات مشتركة إضافة إلى الملفات الشخصية للمستخدم. ويجتمع مستخدمو الصفحات المشتركة مع بعضهم من خلال اهتماماتهم بالمواضيع التي تتناولها هذه الصفحات.

علاوة على ذلك، يمكن لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي استخدام هذه الخدمة للتشبيك، حيث تتكون الشبكة على الفيسبوك من “أصدقاء” وافق عليهم المستخدم، إضافة إلى أصدقاء فعليين، وهؤلاء الأصدقاء يمكنهم إضافة معارف يكون المستخدم مهتمّاً بأفعالهم. في تويتر، يكون للمستخدمين شبكة متابعين يستطيعون رؤية الرسائل التي يرسلونها ويستطيعون المشاركة بالمحتوى الذي يتلقونه.

والسمة الأخرى المشتركة بين وسائل التواصل الاجتماعي يمكن إيجادها في تكنولوجيا الإعلام. ومثل جميع وسائل الاتصال، تحتاج جميع وسائل التواصل الاجتماعي إلى مؤسسة تكنولوجية لتقوم بوظيفتها. وتقوم هذه المؤسسة بنشر الرسائل والصور وأفلام الفيديو ومحتويات أخرى من المستخدمين. وعمليّاً، فإن هذه المؤسسة التكنولوجية هي الإنترنت، ولكن الشبكة العنكبوتية وحدها لا تكفي، إذ إنها مثل خدمات الإنترنت الأخرى، تحتاج وسائل التواصل الاجتماعي إلى جهاز يمكن من خلاله الوصول إلى الخدمة، وتحتاج إلى وجود الخدمات نفسها بطبيعة الحال.

في بدايات عصر الإنترنت، كانت شبكة الاتصالات الإلكترونية غالباً موصولة عبر حواسيب مكتبية ثابتة. وكانت هذه الشبكة غير عملية، وكان مستحيلاً التحرك حول المكان دون فقدان الاتصال بالشبكة. وهذا يعني من وجهة نظر وسائل التواصل الاجتماعي أن استعمال الخدمة كان يعتمد على الزمان والمكان، حيث إن الكمبيوتر كان مكانه في العمل أو المدرسة وأحياناً في البيت. وهذا يعني أن استخدامه كان محدوداً بالوقت خلال اليوم؛ وكمبيوتر العمل يمكن استخدامه فقط خلال ساعات العمل، واستخدام الكمبيوتر في البيت كان في أوائل عصر الإنترنت ومحدوداً بشكل عام بوصله بالتلفزيون.

لقد كان تطور تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية أحد أهم نواحي الثورة الرقمية، خصوصاً أن الهاتف النقال حرر وسائل التواصل الاجتماعي والخدمات الأخرى عبر الإنترنت كليّاً من قيود الزمان والمكان. ويعتبر الهاتف النقال صغير الحجم نسبيّاً وسهل الاستخدام وقابلاً للحمل. كما أن هذا الهاتف يكون حيثما يكون مستخدمه: في البيت، أو في إجازة أو في إحدى الفعاليات. وفي هذه الأيام، فإن الخبرات والظواهر التي يمر بها الناس تتحول بشكل فوري تقريباً إلى محتوى في وسائل التواصل الاجتماعي.

وهكذا، فقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي طريقة للمشاركة في الخبرات اليومية، حيث تصل الأفكار وأفلام الفيديو والأخبار والصور وما يرافقها من تعليقات إلى كل واحد تقريباً في دائرة أصدقاء ومعارف المستخدم، بمجرد ضغط زر واحد.

نشرت كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في كانون الثاني من عام 2019 إحصائيات دقيقة، فمن بين إجمالي السكان البالغ عددهم 7.511 مليار شخص، يوجد حوالي 3.111 مليار بنسبة 51% يمكنهم الوصول إلى الإنترنت، و2.895 مليار شخص 39% يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بنشاط. إضافة إلى ذلك، فإن الاستخدام يتزايد رغم الانتقادات. فيسبوك الذي أطلق عام 2004 ما زال يحتل مكانه كأكثر مواقع التواصل الاجتماعي استخداماً في التاريخ بـ 2.1 مليار مستخدم عام 2019.

بشكل مختصر، أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي للمدونين ومستخدمي اليوتيوب وغيرهم من منتجي المحتوى، الوصول إلى عدد أكبر من الجمهور وانتشار أوسع على مستوى العالم أكثر من معظم القنوات الإخبارية التقليدية. وهذا ما يثير عديد الاسئلة المتعلقة بالمسؤولية، وبذات الوقت يطرح الحاجة الملحة لمهارات محو الأمية الإعلامية.

اقرأ المزيد حول:

منابر وأدوات وسائل التواصل الاجتماعي