الخاص والعام

ما هو المسموح للصحافي أن ينشره، وبأي طريقة؟ وما الذي يجب نشره وما لا يجوز نشره بأي حالٍ من الأحوال؟ يجب أن يحترم المراسل مصادر معلوماته ويحترم بالمثل من هم موضوع أخباره، وحقهم في الخصوصية.

وكقاعدة أساسية مستندة إلى الخبرة، كلما كان الأشخاص موضوع المقال شخصياتٍ عامة، حصلوا بمحض إرادتهم على الشهرة والدعاية في الماضي، وكلما كانت سلطتهم الاجتماعية أكبر، منحوا خصوصية أقل من غيرهم. فإذا كان رجل سياسة هو المشتبه به في جريمة ما، تفوق هنا الأهمية الاجتماعية للمسألة أهمية حماية خصوصيته. وفي مثل هذه الحالة، فإنه من المبرر أن يصبح هذا الموضوع خبراً. وفي المقابل، إذا كان الاشتباه في شخصٍ “عادي” بنفس الجريمة، يصبح نشر اسم المذنب/ الجاني لا مبرر له، وذلك حماية للخصوصية، حيث إن الضرر الذي قد يلحق بالفرد نتيجة لنشر الخبر هو أكبر من حق القارئ في معرفة اسم الجاني.

غالباً ما تكون هناك تعليمات دقيقة لدى وسائل الإعلام فيما يتصل بنشر أسماء المجرمين. وبحكم التجربة، فإن القاعدة الأساسية في وسائل الإعلام الفنلندية، تفيد بأنه يمكن نشر اسم الشخص الذي صدر حكم عليه، إذا كان الحكم السجن أكثر من سنتين، غير مشروط. وعادةً ما يُتخذ قرار نشر الأسماء على أساس كل حالة على حدة، وذلك لتجنب التسبب في ضرر لضحايا الجريمة. وعلى سبيل المثال، فإن أسماء الأشخاص المحكوم عليهم في جرائم جنسية ضد القُصَر أو في جرائم العنف المنزلي غالباً ما تبقى غير منشورة، حتى لا يتم الكشف عن هوية الضحايا دون إرادتهم.

وتدعو المبادئ التوجيهية الأخلاقية لجمعية الصحافيين المحترفين الأمريكية (SJP) إلى ما يلي: “إظهار التعاطف مع أولئك الذين قد يتأثرون بالتغطية الإخبارية، ورفع درجة الحساسية عند التعامل مع الأحداث، وضحايا الجرائم الجنسية، ومصادر المعلومات أو الأشخاص الذين يفتقرون إلى الخبرة [في مجال التعامل مع وسائل الإعلام] أو غير القادرين على إعطاء موافقة [على نشر المعلومات]، والنظر في الاختلافات الثقافية في النهج والمعالجة”. وتفيد المبادئ التوجيهية للجمعية أيضاً أنه ليس من الأخلاق دائماً القيام بنشر المعلومات، وإن كانت متاحة ومسموحاً بها قانونيّاً.

وتنطبق المبادئ العالمية للمساواة وعدم التمييز على الصحافة أيضاً، إذ يجب على الصحافي أن يهتم بحقيقة أن تحقيق المساواة يتم عبر الامتناع عن التمييز ضد أي شخص على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو الطبقة الاجتماعية أو المهنة أو الإعاقة أو غيرها من السمات الشخصية.

اقرأ المزيد حول:

حماية مصادر المعلومات

هل للشخصيات العامة مثل الوزراء الحق في الخصوصية؟

تفيد مدونة قواعد السلوك للصحافيين أن الحق في الخصوصية للشخصيات العامة أضيق مما هو للناس “العاديين”. فإذا كان المشتبه في ارتكاب جريمة ما هو رجل سياسة، تصبح الأهمية المجتمعية للمسألة أكبر من أهمية حماية الخصوصية لرجل السياسة هذا. ومع ذلك، فإن الحق لا يزال قائماً. لذلك، فإن الوزراء مثلاً لهم أيضا الحق في الخصوصية.

وعلى سبيل المثال، إن الحالة الصحية والتاريخ الطبي للوزير تبقى مسألة شخصية طالما لا يوجد سبب للاشتباه في أنها قد تؤثر على أدائه لوظيفته.

وكذلك يتضمن الحق في الخصوصية، على سبيل المثال، حماية عادات الإنفاق للوزير من ماله الخاص. وهذا يعني أنه ليس من حق الجمهور مثلاً معرفة ما هو المبلغ الذي أنفقه الوزير على حفل زفاف أحد أفراد الأسرة. ولكن هذا لا يشتمل الحالات التي توجد فيها شبهة فساد، مثل وجود أدلة تشير إلى استخدامه المال العام لتمويل الحفل.

إن السجلات الضريبية في فنلندا مفتوحة للعموم. ويساعد هذا الصحافي المسؤول في تتبع دفعات الأموال لصناع القرار المهمين، ولكن هذا الأمر يجعل من الممكن إساءة استخدام المعلومات أيضاً.

للنقاش:

هل يمكنك استحضار أمثلة حول حالات تطرح تحدياً لحق الشخصيات العامة بالخصوصية؟

هل ينبغي أن تكون الاختيارات التي يتخذها السياسيون في حياتهم الخاصة منفصلة تماماً عن حياتهم العامة؟

في أي الظروف تعتقد أن نشر أسماء المجرمين أو المتهمين ضروري، وفي أيها ترى أن التحفظ عليها أفضل؟