إن مهنة الصحافي مهنة مجتمعية، وهي جزء من بناء المجتمع. ويعمل الصحافي ضمن إطار علاقات القوة التي تمثل جزءاً من كل المجتمعات.
وينطوي العمل الصحافي على استخدام العديد من أنواع السلطات المجتمعية، والبعض منها قد يكون من الصعب تصوره.
تتمثل الخطوة الأولى في أن تصبح قارئاً مهماً للإعلام في إدراك أن جمهور الاخبار والصحافيين أنفسهم يضعون في اعتبارهم أنه لا يتم إنتاج أي مقال أو خبر من الفراغ، فهناك شبكة من الهياكل المجتمعية والقوى تلعب دوراً في ذلك.
ومن السهل أن نلاحظ أن كاتب العمود الصحافي الحازم والمتشدد يهدف إلى إقناع الجمهور بقضيته. وعلى الرغم من أن العمود هو مثال للمقال الصحافي الذي يرحب بإبداء الرأي فيه ويمكن تمييز ذلك بسهولة، إلا أن جميع أشكال الصحافة أيضاً عرضة للتحيز، حتى المواد الإخبارية منها والمعلومات الإحصائية التي تبدو محايدة ومستقلة في البداية، لكنها لا تخلو من الآراء، فيوجد دائماً شخص أو مكتب تحرير يتألف من أشخاص اتخذوا خيارات محددة، فإن كان هذا الشخص أو مكتب التحرير صادقاً ويتقيد بالقواعد الأخلاقية للمهنة؛ فستكون المادة جيدة ونزيهة. ومع ذلك، حتى حسن النوايا لا يضمن نتيجة خالية من الأخطاء غير المقصودة. أما الخطوة الثانية فهي تكمن بالقراءة النقدية للصحافة.
وتنطوي مهنة الصحافة على استخدام النفوذ كما تنطوي في المقابل على مسؤوليات.
ومن المهم جدّاً لكل من الجمهور والصحافيين أنفسهم أن يتذكروا دائماً أن الإنتاج الصحافي من مقالات أو أخبار لا يتم في فراغ، ولا يخلو إنتاج الأخبار من النوايا والتحيز. إذ إن وراء ذلك شخصاً ما، أو مكتب تحرير يتألف من أشخاص، قاموا باتخاذ الخيارات. فإذا كان مكتب التحرير أميناً ومتمسكاً بالمدونات الأخلاقية للمهنة، يمكن أن تكون المادة الصحافية جيدة ومحايدة. لكن حتى النوايا الحسنة لا تضمن نتيجة نهائية خالية من الأخطاء غير المقصودة.
إن الخطوة الأولى لقراءة نقدية للصحافة هي أن يدرك المرء أن كون المادة قد تم نشرها، لا يجعلها بالضرورة صحيحة.