حقوق ومسؤوليات المصور الصحافي

إلى جانب التفكير الصحافي والفني، يجب على المصورين الصحافيين فهم دورهم في بناء المجتمع وكصناع الرأي. ومن الأهمية بمكان أن يعرف المصور الصحافي ما هي الأشياء التي تستحق التصوير الفوتوغرافي، وما هو مسموح له تصويره. وبالإضافة إلى القواعد الأخلاقية الشخصية، فإن الكثير من الدول تسن قوانين لحماية المصورين ومن يتم تصويرهم على حدٍّ سواء.

ويمكن تقسيم البيئة المحيطة في هذا المجال إلى ثلاث فئات: البيئة العامةوشبه العامةوالخاصة. وبشكل عام، يسمح التقاط الصور في كل الأماكن العامة، حيث إن الفضاء العام هو المكان الذي يحق لكل فرد حرية الوصول إليه، ويشتمل على محطات القطارات والمطارات والحدائق والشوارع والمكتبات ومراكز التسوق وردهات المستشفيات. وتشتمل الأماكن شبه العامة مثلاً على المكاتب والمصانع. والتصوير الفوتوغرافي في مثل هذه الأماكن ممنوع إذا كان يمكن أن ينتهك خصوصية الأفراد. ويحمي السلم الأهلي المناطق الخاصة المخصصة للسكن، مثل الشقق والمساحات السكنية والغرف الفندقية، حيث إن تصوير الناس في مثل هذه الأمكنة ممنوع بدون الحصول على تصريح منهم.

أثناء السفر، يجب عليك معرفة الاتفاقيات المتعلقة بالتصوير الفوتوغرافي في البلد المستهدف. وبشكلٍ عام، يحتاج الشخص إلى تصريح من الوالدين في حالة تصوير الأطفال.

إن المصورين ملزمون أيضاً بالممارسات الصحافية الحميدة وبالمبادئ التوجيهية للصحافيين. وبالتالي، يجب على المصور احترام كرامة الإنسان، وتجنب إثارة مسائل متعلقة بسمات مثل الأصول العرقية، والجنسيات، والنوع الاجتماعي، والتوجه الجنسي، أو تناول القناعات الخاصة بطريقة غير ملائمة أو بشكل تحقيري. ولا يجوز أن ينشر المصور أشياء حساسة متصلة بالحياة الخاصة دون الموافقة من الشخص المعني أو دون وجود أهمية اجتماعية استثنائية للنشر. وعلى المصور أن يتمتع باللباقة أيضاً عند التعامل مع أمور مثل الموت والمرض أو عند تصوير ضحايا الحوادث وضحايا الجرائم.

ومن المهم الحرص على أن يكون صاحب العمل أو الزبائن هم الذين يتحملون المسؤولية عن الصور التي يتم نشرها. ولكن بالرغم من هذا، فإن المسؤولية الأخلاقية تقع في النهاية على عاتق المصور فقط حيث إنه من يعرف ما تحتوي عليه شريحة الذاكرة في الكاميرا، وهو من يقرر ما يقوم بتسليمه من صور.

تقديم تقارير صحافية عن حالات الوفاة بشكل أخلاقي

أساءت بعض وسائل الإعلام التصرف ولم تراعِ مشاعر أمهات وذوي الضحايا بشكل عام سواء سقطوا في مواجهات مع الاحتلال او في حوادث سير مثلا، وتجلى ذلك عبر الإصرار على نشر صور جثثهم، والإعلان عن أسمائهم قبل تبليغ ذويهم. وبلغت هذه الإساءات ذروتها بالطلب من ذوي القتلى، وعلى الهواء مباشرة، التعرف على جثامين أبنائهم، كما تجلى ذلك أيضاً عبر اقتحام خصوصية ذوي الضحايا في أشد الحالات التي يحتاجون فيها إلى هذه الخصوصية للتعبير عن مشاعرهم بشكل حر وتفريغ حزنهم، وهذا احتياج ضروري لصحتهم النفسية. ولكن بعض مراسلي الفضائيات والإذاعات، وخاصة المسيسة، سعت إلى إقناع ذوي الضحايا بوجوب كبت مشاعرهم وإخفاء أحزانهم ودفعهم إلى إظهار مشاعر أخرى مصطعنة، كالفرحة بالاستشهاد وإطلاق الزغاريد، والاستعداد لتقديم المزيد من التضحيات. وهذا أمر غير إنساني ولامهني ولاأخلاقي على الإطلاق، ناهيك عن الآثار السلبية بالتأكيد، وربما الدائمة على الصحة النفسية لذوي الضحايا.

المشهد الإعلامي لجنازات الشهداء لا يقل اذى للنفس البشرية وبعداً عن المهنية. صحيح أن الإعلام ليس مسؤولاً عن ترتيب وتنظيم مسيرات التشييع، ولكن عليه أن يفكر ألف مرة قبل أن ينقل ما فيها من تفاصيل، بدءاً من فتح ثلاجة الموتى والكشف عن جسد الشهيد وتصوير إصاباته، مروراً باستخراج الجثمان دون احترام لحرمة جسده ومشاعر ذويه أو لرهبة الموت وقدسية الحياة، وانتهاءً بإلقاء الجثمان فوق محفة مكشوفة وليس تابوتاً مغلقاً، وكيف تنكشف أجزاء من جسم الشهيد وكيف يهرول الجميع بشكل هستيري مسرعين إلى دفنه.

ولقد نصت مدونة السلوك المهني الإعلامي لنقابة الصحافيين الفلسطينيين، وضمن بند الالتزامات تجاه الجمهور، على: الحرص على عدم نشر أسماء الضحايا قبل التأكد من هوياتهم وإبلاغ ذويهم، وعدم نشر صور الضحايا بطريقة تؤثر على مشاعر ذويهم أو مشاعر المواطنين عامة، وحماية الأطفال من المواد التي تؤثر سلباً على نموهم النفسي. كما أنها توفر الحد الأدنى المعقول ضد الصور المنفرة التي لا ضرورة لها.

هذه الصورة التي تنقل أحياناً كثيرة إلى الخارج بحسن نية، قد تلاقي تفهماً في المجتمعات الشرقية التقليدية المحافظة والمتدينة، ولكن أثرها السلبي علينا كبير جداً وخاصة في المجتمعات الغربية. وعموماً، هناك في وكالات الأنباء العالمية تنظيمات تمنع بشكلٍ مطلق نشر صور لجثث الموتى، ولذا لا يقومون عادةً بشراء أو المشاركة بنشر الصور المأخوذة لقتلى الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

للنقاش :

ما الذي سيحققه نشر مشاهد العنف؟ من وماذا تخدم هذه المشاهد؟
هل يمكنك اقتراح أساليب أخرى لنقل مثل هذه الأحداث؟