الحصول على المعلومات ونشرها وتصحيحها

أحد أكثر المبادئ الأخلاقية الشائعة للصحافي هو احترام الحقيقة truthfulness. وينص المبدأ الأول للاتحاد الدولي للصحافيين على ما يلي: “إن احترام الحقيقة وحق الجمهور في معرفة الحقيقة هو أول واجبات الصحافي”.

إن من واجب الصحافي غربلة الحقائق من بين المزاعم والشائعات. ولا ينبغي للصحافي أن يترك معلومات دون نشرها، أو يحافظ على سريتها إذا كانت مهمة للأنباء، حتى لو كانت تضعف الخبر، أو تخفف من حدة الإثارة في القصة. ففي كثير من الحالات، يخبو موضوع صحافي كان يبدو في أول لمحة ذا مغزى ومثيراً للاهتمام والدهشة ليصبح مملاًّ وعاديّاً، أو حتى يتبين أنه خاطئ تماماً عند دراسته بتعمق أكبر. ولا شك في أن هذا شعور محبط، لكنه جزء أساسي من العمل الصحافي. فعلى الرغم من المغريات، يجب على الصحافي ألا يصنع الأخبار من معلومات ثبت أنها عارية عن الصحة، حتى لو كان هناك سبب وجيه لذلك، وحتى إذا كان المراسل متأكداً من أن أمره هذا لن يُكتشف.

والقيمة الثانية من حيث الأهمية هي الأمانة honesty، الذي يتحقق في أغلب الأحيان من خلال استخدام الأساليب المباشرة فقط في عملية جمع وعرض المعلومات. ومن المستحسن أن يعلن الصحافي عن صفته المهنية أثناء القيام بعمله، وأن يبقى واضحاً كذلك في عمله. ومع ذلك، فمن الممكن أن يحيد عن هذه القاعدة إذا لم تكن هناك طريقة أخرى للحصول على معلومات ذات أهمية للمجتمع. على سبيل المثال، سيكون من الصعب الحصول على معلومات في مجتمع مغلق إذا لم يكن متاحاً للمراسل الصحافي الوصول إلى ما يجري في هذا المجتمع. وإذا كان الصحافي يرى أن شيئاً ما يحدث داخل جماعة منغلقة على نفسها وأن هذا جدير بالنشر، يمكنه الاحتفاظ بسرية صفته المهنية.

إن تعليمات صحيفة واشنطن بوست المتعلقة بهذا الشأن صارمة وتفيد بما يلي: “يجب على المراسلين الصحافيين أن يبذلوا قصارى جهدهم للبقاء في صفوف الجمهور، والبقاء بعيداً عن خشبة المسرح، وأن يقوموا بدورهم في تغطية الأخبار، لا بصنعها. وفي أثناء جمع الأخبار، لا يجوز للصحافيين تمويه هويتهم المهنية، كأن يعرفوا أنفسهم على أنهم من رجال الشرطة أو أطباء أو أي شيء آخر غير أنهم صحافيون”.

وعلى الصحافي أيضاً أن يفرق بين الحقائق والآراء. إذ يجب أن يكون القارئ قادراً دائماً على معرفة النصوص التي تعبر عن رأي شخصي، وتلك التي تسعى جاهدة لنقل المعلومات بصورة موضوعية. ووفقاً للقانون النمساوي: “ينبغي ألا يترك القراء في شك حول ما إذا كان أحد البنود الواردة في صحيفة عبارة عن تقريرٍ واقعي، أو إعادة إنتاج لآراء من طرف ثالث، أم أنه مجرد تعليق”. وينطبق هذا أيضاً على استخدامات الرسوم التوضيحية والصوت. وكذلك الأمر فيما يتعلق بمقالٍ محدد، فإنه ينبغي أن يكون واضحاً ما هو الجزء الخاص بوصف الصحافي للحدث، وما الذي قاله الشخص الذي جرت مقابلته. ومن ناحية عملية، فإن التفريق يتم باستخدام علامات الاقتباس للدلالة على أقوال شخص يدلي بها في مقابلة.

وينطبق مبدأ التفريق بين الحقائق والآراء على الإعلانات أيضاً؛ فالفارق بين الإعلانات وبين المحتوى الصحافي المحرر ينبغي أن يكون واضحاً. وقد أصبح هذا التفريق أكثر صعوبة مثلاً بظهور الإعلان تحت مظلة كلمة المحرر Advertorial.

وتبقى النظرة النقدية ذات قيمة عالية يسترشد بها الصحافي في عمله، وهي تعمل على عدة جبهات. أولاً وقبل كل شيء، ينبغي فحص مصادر المعلومات بعين ناقدة. وتسلط المبادئ التوجيهية للصحافيين الفنلنديين الضوء على أن “النظرة النقدية” تكون أكثر أهمية عند تناول المواضيع المثيرة للجدل، حيث إن مصدر المعلومات قد تكون لديه النية لتحقيق فائدة أو لإلحاق الضرر بآخرين. وكثيرة هي الجهات التي تتصل بمكاتب التحرير، وعلى الصحافيين دائماً توخي الحذر تجاه ما يريده الشخص من وراء اتصاله بالصحافة، هل هي للدعاية الإيجابية لأنفسهم أو شركاتهم، أم أنها دعاية سلبية ضد شخص آخر، أو هي دعاية لقضية يرونها مهمة؟ ينبغي أن يفيد المقال القارئ والمجتمع أساساً، وليس الطرف الذي هو موضوع المقال.

ووفقاً للمبادئ التوجيهية لوكالة أسوشييتدبرس: “ينبغي أن تقوم الصحيفة بالنقد البناء لجميع الفئات في المجتمع”. وبالتالي، فعلى الصحيفة أو القناة التلفزيونية أو المحطة الإذاعية أن تكون ناقدة فيما يتعلق بما تقوم بتغطيته، لكي يعكس كل ما تقدمه صورة نقدية للمجتمع. وتركز جمعية الصحافيين المحترفين Society of Professional Journalists (SJP) ومقرها في الولايات المتحدة الأمريكية بصفةٍ خاصة على الانتقاد الموجه لصانعي القرار.

وبالإضافة إلى ذلك، ووفقاً للمبادئ التوجيهية، ينبغي للصحافي أن “يمنح صوتاً لمن لا صوت لهم”، وأن “يسعى لنقل المعلومات من المصادر التي نادراً ما نسمع صوتها”. لذا يجب على الصحافيين الانتباه إلى كيفية وصول الجهات المختلفة لإسماع أصواتهم. وهكذا، فإن إرشادات جمعية الصحافيين المحترفين SJP تتخذ موقفاً بشأن الظاهرة الشائعة، التي تجعل من الأسهل عليك توصيل صوتك عبر وسائل الإعلام كلما كانت المكانة أو النفوذ الاجتماعي الذي تتمتع به أكبر.

كذلك، يجب على الصحافي أن يكون ناقداً لنفسه. وعليه أن ينتبه لاحتمالية تأثير القيم والخبرات الشخصية الخاصة به على العمل. فعلى الرغم من أن مادة الأخبار قد تبدو محايدة، وقد يكون المراسل الصحافي سمح للأطراف المتنازعة بإسماع أصواتها؛ فقد يكون للرأي القوي للصحافي تأثيره على نبرة/ لهجة المادة الإخبارية. ولعل أحد البدائل للمحافظة على النقد الذاتي هو نشر تعليق أو عمود جنباً إلى جنب مع المقال بحيث تقدم آراء المراسل الصحافي بشكلٍ مكشوف.

وتؤكد كافة المدونات الأخلاقية للصحافيين على أهمية دقة وصحة المعلومات المنشورة، وضرورة التحقق من هذا. وعلى الرغم من أن العمل الصحافي في الواقع وفي أغلب الأحيان يتميز بالاستعجال، فإنه يجب ألا يكون هذا سبباً لعدم تدقيق الحقائق. إن الصحافي، أو على أقل تقدير محرر الصحيفة، هم المسؤولون عن صحة المعلومات التي تم تقديمها. كما أن كافة المعلومات التي سبق نشرها في أي مكان آخر يتعين فحصها بعمق أيضاً. وفي حالة وجود أخطاء، فعلى الصحافيين أن يقوموا بتصحيحها دونما تأخير.

مهمة:

ابحث عن قصة صحافية تمت فيها مقابلة شخص ما. وأجب عن سؤال لماذا تم اختيار هذا الشخص ومن كان يمكن مقابلته إلى جانبه أو بدلاً عنه؟

هل يمكن التفكير في مقابلات صحافية لم يكن من السهل التمييز فيها ما بين الحقائق والآراء؟

ما هي الطرق التي لاحظت فيها أن وسائل الإعلام تقوم عبرها بتصحيح أخطائها؟

أما في المنشورات على الإنترنت، فلا يكفي إلغاء المعلومات الكاذبة أو حذف المقال. بل يجب إبلاغ الجمهور بالخطأ وبحقيقة أنه قد تم تصويبه.

وينطبق مبدأ الانفتاح على عملية تصحيح الأخطاء أيضاً. فإنه من المستحسن إبلاغ الجمهور بطريقة مباشرة ما هي الممارسات والمبادئ التي تتبعها وسائل الإعلام فيما يتعلق بالأخطاء والتصحيحات.

يجب أن يتم الإعلان عن مصدر المعلومات المستخدمة للجمهور، حيث إنه فقط عندما يتم ذلك، تكون لدى الجمهور فرصة لتقييم مصداقية هذه المصادر. ويجب فحص الحقائق التي تم نشرها سابقاً بعناية كأنها جديدة، إذ إن نشر المعلومات في صحيفة لا يجعلها صحيحة. وبهذا يمكن للصحافيين تجنب تعميم الأخطاء التي ارتكبها الآخرون.

اقرأ المزيد حول:

مبادئ توجيهية للعمل الصحافي المهني

اختيارات من المبادئ التوجيهية للبحث عن المعلومات ونشرها

“ليست هناك قصة عادلة إذا أغفلت حقائق ذات أهمية. الإنصاف يشمل الاكتمال.

ليست هناك قصة عادلة إذا كانت تتضمن معلومات غير ذات صلة بشكل أساسي على حساب الحقائق المهمة. الإنصاف يشمل الأهمية.

ليست هناك قصة عادلة إذا كانت تضلل القارئ بوعي أو بغير وعي أو حتى تخدع القارئ. الإنصاف يشمل الصدق -التسوية مع القارئ.

ليست هناك قصة عادلة إذا أخفى الصحفيون تحيزاتهم أو عواطفهم وراء مثل بعض الكلمات المزعجة بمهارة “مرفوض”، “رغم” ، “بهدوء” ، “اعترف” و “هائل”. الإنصاف يتطلب الاستقامة قبل البهجة. “

المعايير والأخلاق حسب واشنطن بوست.

“يجب على الصحفي أن يهدف إلى توفير معلومات صادقة. الحصول على المعلومات يجب أن يكون مفتوحاً وعليناً. تشجيع الصحفي على تعريف مهنته أثناء أي مهمة كانت. إذا تعذر التحقيق في الأمور التي تخدم المصلحة العامة فقد يقوم الصحفي بإجراء المقابلات أو الحصول على المعلومات بعيداً عن الممارسات المهنية المعتادة.

يجب التعامل مع مصادر المعلومات بشكل نقدي. هذا مهم بشكل خاص في القضايا المثيرة للجدل، لأن مصدر المعلومات قد يكون الغرض منه تحقيق مكاسب شخصية أو إلحاق الضرر بالآخرين.

قد يتم نشر الأخبار على أساس معلومات محدودة. ينبغي استكمال التقارير المتعلقة بالموضوعات والأحداث بمجرد توفر معلومات جديدة. يجب متابعة الأحداث الإخبارية حتى النهاية.

يجب تصحيح المعلومات غير الصحيحة بشكل أساسي دون تأخير ومن أجل الوصول إلى أقصى حد ممكن من المصداقية، ويجب لفت انتباه أولئك الذين تمكنوا من الوصول إلى المعلومات غير الصحيحة.

يجب أن تتوافق درجة الانتباه التي يتم تصحيحها مع خطورة الخطأ. إذا كانت هناك أخطاء واقعية متعددة في مقال ما، أو إذا كانت المعلومات غير الصحيحة قد تؤدي إلى ضرر كبير، فيجب على المحررين نشر مقال جديد يتم فيه تحديد المعلومات غير الصحيحة وتصحيحها. “

إرشادات للصحفيين، مجلس الإعلام الجماهيري في فنلندا